فصل: أحاديث مختلفة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث مختلفة

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ عن يس الزيات عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة، قال‏:‏ أصاب العدو ناقة رجل من بني سليم، ثم اشتراها رجل من المسلمين، فعرفها صاحبها، فأتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأخبره، فأمره عليه السلام أن يأخذها بالثمن الذي اشتراها به صاحبها من العدو، وإلا يخلي بينه وبينها، انتهى‏.‏ ورواه أبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ عن تميم بن طرفة، قال‏:‏ وجد رجل مع رجل ناقة له، فارتفعا إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأقام البينة أنها ناقته، وأقام الآخر البينة أنه اشتراها من العدو، فقال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ إن شئت أن تأخذها بالثمن الذي اشتراها به، فأنت أحق بها، وإلا فخل عن ناقته، انتهى‏.‏ وذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ من جهة أبي داود، ثم قال‏:‏ وقد أسند هذا الحديث من رواية يس الزيات عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة، ويس ضعيف، انتهى‏.‏ قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ وهكذا قال ابن حزم، ولست أعرف هذا السند، واللّه أعلم، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏السير‏"‏ ص 472‏.‏‏]‏ عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فرهود عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللّه عن أبيه عبد اللّه بن عمر، قال‏:‏ سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ من وجد ماله في الفيء قبل أن يقسم فهو له، ومن وجده بعد ما قسم فليس له شيء، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ وإسحاق هذا متروك، انتهى‏.‏ ثم أخرجه عن رشدين عن يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعًا، ونحوه، وقال‏:‏ رشدين ضعيف، وأخرجه الطبراني في ‏"‏المعجم الوسط‏"‏ عن يس الزيات عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعًا‏:‏ من أدرك ماله في الفيء قبل أن يقسم، فهو له، وإن أدركه بعد أن يقسم، فهو أحق به بالثمن، انتهى‏.‏ ورواه ابن عدي في ‏"‏كتاب الكامل‏"‏، وضعف يس الزيات عن البخاري، والنسائي، وابن معين، ووافقهم، وقال‏:‏ عامة أحاديثه غير محفوظة، انتهى‏.‏

واعلم أن شطر الحديث في ‏"‏البخاري‏"‏ أخرجه عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ ذهب فرس له، فأخذه العدو، فظهر عليهم المسلمون، فردوه عليه في زمن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأبق عبد له، فلحق بالروم، فظهر عليهم المسلمون، فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى‏.‏ ورواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ عن نافع به، وزاد فيه‏:‏ وذلك قبل أن يصيبهما المقاسم، انتهى‏.‏ وعجيب من عبد الحق كيف ذكر هذا الحديث، وقال‏:‏ إن البخاري لم يصل سنده به، والبخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الجهاد - باب إذا غنم المشركون مال المسلم، ثم وجده المسلم‏"‏ ص 431 - ج 1‏]‏ ذكره منقطعًا، ثم وصله، وهذا لفظه، قال‏:‏ ‏"‏باب إذا غنم المشركون مال المسلم، ثم وجده المسلم‏"‏ قال ابن نمير‏:‏ حدثنا عبيد اللّه عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ ذهب فرس له، فأخذه العدو، إلى آخر اللفظ المتقدم، ثم قال‏:‏ حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى عن عبيد اللّه أخبرني نافع أن عبدًا لابن عمر أبق، فلحق بالروم، فظهر عليه خالد بن الوليد، فرده على عبد اللّه، وأن فرسًا لابن عمر عاد، فلحق بالروم، فظهر عليه، فرده على عبد اللّه، انتهى‏.‏ فترك الحديث المتصل، وذكر المنقطع، وقال‏:‏ لم يصل البخاري سنده به، وينبغي أن يراجع فيه نسخة أخرى، فإني لم أعتمد على النسخة، وعلقت هنا لأتذكره، واللّه أعلم‏.‏

- الآثار‏:‏ أخرج الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏السير‏"‏ ص 472‏.‏‏]‏ عن قبيصة بن ذؤيب أن عمر بن الخطاب، قال‏:‏ ما أصاب المشركون من أموال المسلمين، فظهر عليهم، فرأى رجل متاعه بعينه، فهو أحق به من غيره، فإذا قسم، ثم ظهروا عليه، فلا شيء له، إنما هو رجل منهم، وفي رواية‏:‏ هو أحق به من غيره بالثمن، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ وهذا مرسل‏.‏

- أثر آخر‏:‏ أخرج ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ عن خلاس عن علي نحو ذلك، ونقل عن ابن حزم أنه قال‏:‏ رواية خلاس عن علي صحيحة، قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ قال الشافعي‏:‏ وما احتج به عن تميم بن طرفة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حكم في رجل اشترى بعيرًا قد أحرزه العدو أن صاحبه يأخذه بالثمن، فتميم بن طرفة لم يدرك النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ولم يسمع منه، والمرسل لا تثبت به حجة، لأنه لا يدري عمن أخذ، قال الشافعي‏:‏ قال أبو يوسف‏:‏ حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس عن الرسول ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في عبد، وبعير أحرزهما العدو، ثم ظفر بهما، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لصاحبهما‏:‏ إن أصبتهما قبل القسمة فهما لك بغير شيء، وإن أصبتهما بعد القسمة فهما لك بالقيمة، قال البيهقي‏:‏ هكذا وجدته عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة، ورواه غيره عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك الزراد عن طاوس عن ابن عباس عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في بعير وجد، وهذا حديث يعرف بالحسن بن عمارة، وهو متروك لا يحتج به، ورواه مسلمة بن علي عن عبد الملك، وهو أيضًا ضعيف، وروي بإِسناد آخر مجهول عن عبد الملك، ولا يصح شيء من ذلك، وروي من وجه آخر عن ابن عمر، رواه إسحاق بن أبي فروة، ويس بن معاذ الزيات على اختلاف بينهما في لفظه، وكلاهما متروك لا يحتج به، وقال الشافعي‏:‏ واحتجوا أيضًا بأن عمر بن الخطاب قال‏:‏ من أدرك ما أحرز العدو قبل أن يقسم فهو له، وما قسم، فلا حق له فيه إلا بالقيمة، قال الشافعي‏:‏ وهذا إنما روي عن الشعبي عن عمرو عن رجاء بن حيوة عن عمر مرسلًا، وكلاهما لم يدرك عمر، ولا قارب ذلك، قال البيهقي‏:‏ وقد روي أيضًا عن رجاء عن قبيصة ابن ذؤيب عن عمر، وهو أيضًا مرسل، وقد روي عن خلاس بن عمرو، وعن علي نحوه، قال‏:‏ ورواية خلاس عن علي ضعيفة، عند أهل العلم بالحديث، يقولون‏:‏ هي من كتاب، وأنها منقطعة، ويروون فيه عن زيد بن ثابت، وإنما رواه ابن لهيعة بإِسناده، وابن لهيعة غير محتج به، انتهى‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ روي أن عبيدًا من عبيد الطائف أسلموا وخرجوا إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقضى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بعتقهم،

قلت‏:‏ روى أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، وابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏، والطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ من حديث الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن عبدين خرجا من الطائف إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأسلما، فأعتقهما رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ أحدهما أبو بكرة، انتهى‏.‏ وفي لفظ لابن أبي شيبة بهذا الإِسناد، أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان يعتق من أتاه من العبيد إذا أسلموا، وقد أعتق يوم الطائف رجلين أحدهما‏:‏ أبو بكرة، انتهى‏.‏ وأخرج أبو داود في ‏"‏المراسيل‏"‏ عن عبد ربه بن الحكم أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لما حاصر الطائف خرج إليه أرقاء من أرقائهم، فأسلموا، فأعتقهم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فلما أسلم مواليهم بعد ذلك رد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الولاء إليهم، انتهى‏.‏ قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ وعبد ربه ابن الحكم لا يعرف حاله، ولا يعرف روي عنه إلا هذا الذي روي عنه هذا المرسل، وهو عبد اللّه ابن عبد الرحمن الطائفي، انتهى كلامه، وأخرج البيهقي عن عبد اللّه بن مكرم الثقفي، قال‏:‏ لما حاصر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أهل الطائف خرج إليه رقيق من رقيقهم‏:‏ أبو بكرة، وكان عبد الحارث بن كلدة والمنبعث، ويحنس، ووردان في رهط من رقيقهم، فأسلموا، قالوا‏:‏ يا رسول اللّه رد علينا رقيقنا الذين أتوك، فقال‏:‏ لا، أولئك عتقاء اللّه عز وجل، ورد على كل رجل ولاء عبده، انتهى‏.‏ وهو مرسل، وقد تقدم في ‏"‏العتق‏"‏ وغيره‏.‏

*4* باب المستأمن‏:‏ خالٍ

*5* فصل

- الحديث الثالث‏:‏ روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أخذ الجزية، وكذا عمر، وكذا معاذ رضي اللّه عنهما، ووضع في بيت المال، ولم يخمس،

قلت‏:‏ أخرج أبو داود في ‏"‏كتاب الخراج‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في الخراج ‏"‏باب تدوين العطاء‏"‏ ص 55 - ج 2‏]‏ عن ابن لعدي بن عدي الكندي أن عمر بن عبد العزيز كتب أن من سأل عن مواضع الفيء فهو ما حكم فيه عمر بن الخطاب، فرآه المؤمنون عدلًا موافقًا لقول رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏جعل اللّه الحق على لسان عمر وقلبه فرض الأعطية‏"‏، وعقد لأهل الأديان ذمة، بما فرض عليهم من الجزية، لم يضرب فيها بخمس ولا مغنم، انتهى‏.‏ وهو ضعيف، فإن فيه مجهولًا ‏[‏وهو ابن عدي، شيخ لعيسى بن يونس، لا يعرف حاله من السادسة، وأما عدي الكندي، فهو ابن عدي بن عميرة أبو فروة، ثقة فقيه، عمل لعمر بن عبد العزيز على الموصل، وأبوه عدي بن عميرة الكندي، أبو زرارة صحابي، كذا في ‏"‏التهذيب‏"‏ ص 168، وص 169 - ج 7‏]‏، وعمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر بن الخطاب‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏

- ‏"‏السلطان ولي من لا ولي له‏"‏، تقدم في ‏"‏أوائل النكاح‏"‏

*4* باب العشر والخراج

- الحديث الأول‏:‏ روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، والخلفاء الراشدين لم يأخذوا الخراج من أراضي العرب،

قلت‏:‏ قوله‏:‏ وعمر رضي اللّه عنه حين فتح السواد، وضع الخراج عليها بمحضر من الصحابة، ووضع على مصر حين افتتحها عمرو بن العاص، وكذا اجتمعت الصحابة على وضع الخراج على الشام، قلت‏:‏ روى أبو عبيد القاسم بن سلام في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏ ‏[‏في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏ ص 57 - ج 1 ببعض اختصار‏]‏ حدثنا هشيم ابن بشير أنبأ العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي، قال‏:‏ لما افتتح المسلمون السواد، قالوا لعمر‏:‏ اقسمه بيننا، فإنا فتحناه عنوة، قال‏:‏ فأبى، وقال‏:‏ ما لمن جاء بعدكم من المسلمين‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ فأقر أهل السواد في أرضهم، وضرب على رءُوسهم الجزية، وعلى أراضيهم الخراج، انتهى‏.‏ وروى عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه - في كتاب أهل الكتاب‏"‏ أخبرنا معمر عن قتادة عن أبي مجلز أن عمر ابن الخطاب بعث عمار بن ياسر، وعبد بن مسعود، وعثمان بن حنيف إلى الكوفة، فجعل عمارًا على الصلاة والقتال، وجعل ابن مسعود على القضاء، وعلى بيت المال، وجعل عثمان بن حنيف على مساحة الأرض، وجعل لهم كل يوم شاة، ثم قال‏:‏ ما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة إلا سيسرع فيها، ثم قال لهم‏:‏ إني أنزلتكم في هذا المال، ونفسي كوالي اليتيم، - من كان غنيًا فليستعفف، ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف - ، قال‏:‏ فمسح عثمان سواد الكوفة من أهل الذمة، فجعل على جريب النخل عشرة دراهم، وعلى جريب العنب ثمانية دراهم، وعلى جريب القضب ستة دارهم، وعلى جريب من البر أربعة دراهم، وعلى جريب من الشعير درهمان، وجعل على رأس كل رجل منهم أربعة وعشرين درهمًا، كل عام، ولم يضرب على النساء والصبيان، وأخذ من تجارهم من كل عشرين درهمًا درهمًا، فرفع ذلك إلى عمر فرضي به، انتهى‏.‏ وروى ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه - في أواخر الزكاة‏"‏ حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أبي عون محمد بن عبيد اللّه الثقفي، قال‏:‏ وضع عمر على أهل السواد على كل جريب أرض يبلغه الماء، عامر، أو غامر درهمًا، وقفيزًا من طعام، وعلى البساتين على كل جريب عشرة دراهم، وعشرة أقفزة من طعام، وعلى الرطاب على كل جريب أرض خمسة دراهم، وخمسة أقفزة من طعام، وعلى كل جريب أرض عشرة دراهم، وعشرة أقفزة، ولم يضع على النخل شيئًا، جعله تبعًا للأرض، انتهى‏.‏ حدثنا أبو أسامة عن قتادة عن أبي مجلز، قال‏:‏ بعث عمر عثمان بن حنيف على مساحة الأرض، قال‏:‏ فوضع عثمان على الجريب من الكرم عشرة دراهم، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم، وعلى جريب القضب ستة دراهم - بعني الرطبة - وعلى جريب البر أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمين، انتهى‏.‏ وأما وضع الخراج على أرض مصر، فروى ابن سعد في ‏"‏الطبقات - في ترجمة عمرو بن العاص‏"‏ أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس القتباني، قال الواقدي‏:‏ وحدثني من سمع صالح بن كيسان يخبر عن يعقوب بن عتبة عن مشيخة من أهل مصر أن عمرو بن العاص افتتح مصر عنوة، واستباح ما فيها، وعزل منه مغانم المسلمين، ثم صالح بعد على وضع الجزية في رقابهم، ووضع الخراج على أرضهم، ثم كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك، مختصر‏.‏ أخبرنا الواقدي حدثني عبد اللّه بن نافع عن عمرو بن الحارث، قال‏:‏ كان عمرو بن العاص يبعث جزية أهل مصر وخراجها إلى عمر بن الخطاب، كل سنة بعد حبس ما يحتاج إليه، ولقد استبطأه عمر في الخراج سنة، فكتب إليه بكتاب يلومه، ويشدد عليه، مختصر‏.‏ وأما وضع الخراج على أرض الشام فمعروف‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ روي أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فتح مكة عنوة، وتركها لأهلها، ولم يوظف الخراج،

قلت‏:‏ فيه أحاديث، استدل بها العلماء على أن مكة فتحت عنوة‏:‏ منها ما أخرجه مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الجهاد - باب فتح مكة‏"‏ ص 102 - ج 2‏]‏ عن عبد اللّه بن رباح عن أبي هريرة أنه ذكر فتح مكة، فقال‏:‏ أقبل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حتى دخل مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدًا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الجسر، وأخذوا بطن الوادي، ورسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في كتيبة، قال‏:‏ فنظر إليّ وقال‏:‏ يا أبا هريرة، قلت‏:‏ لبّيك يا رسول اللّه، قال‏:‏ اهتف لي بالأنصار، فلا يأتيني إلا أنصاري، فهتف بهم، فجاءُوا، فأطافوا برسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ووبشت قريش أوباشها، فقال لهم‏:‏ ألا ترون إلى أوباش قريش، وأتباعهم‏؟‏‏!‏، ثم قال بيده - فضرب إحداهما على الأخرى - ، وقال‏:‏ أحصدوهم حصدًا، حتى توافوني بالصفا، قال أبو هريرة‏:‏ فانطلقنا، فما شاء أحد منا أن يقتل من شاء منهم، إلا قتله، وما توجه أحد منهم إلينا شيئًا، وصعد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الصفا، وجاءت الأنصار، فأطافوا بالصفا، فجاء أبو سفيان، فقال‏:‏ يا رسول اللّه أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن‏"‏، فقالت الأنصار‏:‏ أما الرجل، فأخذته رأفة بعشيرته، ورغبة في قرابته، ونزل الوحي على رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ قلتم‏:‏ أما الرجل فأخذته رأفة بعشيرته، ورغبة في قرابته، كلا إني عبد اللّه ورسوله هاجرت إلى اللّه، وإليكم، فالمحيا محياكم، والممات مماتكم، قالوا‏:‏ واللّه ما قلنا إلا ضنًا باللّه وبرسوله، قال‏:‏ فإن اللّه ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ وقال‏:‏ هذا أدل دليل على أن مكة فتحت عنوة لا صلحًا، انتهى‏.‏